رواية السيدة عائشة وأبي هريرة للحديث

أخواني الأحباب أنقل لكم هنا مقالة بعنوان (( رواية السيدة عائشة وأبي هريرة للحديث )) كتبها : د. محمد عبده يماني** المفكر والداعية الإسلامي المعروف ووزير الإعلام السعودي سابقا

(( ومن ينظر بعمق في رواية السيدة عائشة رضي الله عنها للحديث وعنايتها بالرواية يلاحظ انها رضي الله عنها تميزت بصورة اساسية بأنها قد روت الكثير من الاحاديث مباشرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يميزها عن غيرها، فقد اخذت عنه احاديث كاملة وروتها عنه صلى الله عليه وسلم، ثم انها روت عن ابيها سيدنا ابو بكر الصديق، وعن سيدنا عمر بن الخطاب، وعن السيدة فاطمة بنت رسول الله رضي الله عنهم جميعا، وهذا الامر هو ميزة خاصة بالسيدة عائشة، هذا من ناحية. ومن الناحية الاخرى فقد روت عن سعد بن ابي وقاص وعن اسيد بن حضير، وجذامة بنت وهب، وحمزة بن عمرو الاسلمي.
ثم اننا عندما نتتبع روايتها للحديث ودقتها وحرصها في الرواية رضي الله عنها نلاحظ ان هناك عددا من الصحابة ومن كبار الصحابة قد رووا عنها، ومنهم سيدنا عمر وابنه عبد الله، وابو هريرة، وابو موسى، وعبد الله بن شداد، وزيد بن خالد، وابن عباس، وربيعة بن عمر الجرشي، والسائب بن يزيد، وصفية بنت شيبة، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وعبد الله بن الحارث بن نوفل وغيرهم، ومن آل بيتها اختها أم كلثوم، وأخوها من الرضاعة عوف بن الحارث، وابنا اخيها القاسم وعبد الله ابنا محمد بن ابي بكر، وبنت اخيها الآخر حفصة بنت عبد الرحمن بن ابي بكر وحفيده عبد الله بن ابي عتيق محمد بن عبد الرحمن، وابنا اختها عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام، وحفيدا اسماء خبيب بن عبد الله بن الزبير، وعباد بن عبد الله بن الزبير، وحفيدا ابن اختها عبد الله وعباد ابنا حمزة بن عبد الله بن الزبير، وبنت اختها عائشة بنت طلحة من ام كلثوم بنت ابي بكر، ومواليها ابو عمر وذكوان وابو يونس وابن فروخ، ومن كبار التابعين سعيد بن المسيب، وعمرو بن ميمون، وعلقمة بن قيس، ومسروق، وعبد الله بن حكيم، والاسود بن يزيد، وابو سلمة بن عبد الرحمن وابو وائل وآخرون كثيرون.

ومجموع ما روته السيدة عائشة منفردة هو كما ذكرنا (138) حديثا، وقد جاءت في صحيحي البخاري ومسلم، وفي مسند الامام احمد، وسنن الترمذي، والنسائي، وابي داود، وابن ماجة، وبعضها في موطأ مالك، وبعضها وردت في الدارمي، اي انها في كتب الاصول التسعة.

وبعد ان درسنا حياة هذه السيدة التي احبها رسول الله ـ ووصفنا مكانتها في بيت النبوة وحب رسول الله لها وحبها لرسول الله، وللسيدة فاطمة ولآل بيت النبي ـ ومكانتها كمحدثة ودورها في حفظ الحديث النبوي، وما تميزت به من نقل الحديث بدقة وبألفاظه وكيف كان الكثير من الصحابة يعود اليها ليسألها عن بعض الروايات لثقتهم في حفظها ونقلها، وانتهينا الى قضية مهمة وهي انها سيدة اكرمها الله بقربها من رسول الله ـ واختيارها زوجة له مع صغر سنها واكرمها بالحفظ، حيث كانت تحفظ من مرة واحدة واكرمها بالفهم فجمعت بين الرواية والدراية.

واصبحت في المكانة العليا في رواية الحديث النبوي فروى عنها الكثير ممن اتصل بها من محارمها واقاربها او من سألها من الصحابة، ومما يميزها انها روت الحديث عن النبي ـ مباشرة ـ وروت عن ابيها ابي بكر الصديق وعن عمر بن الخطاب بل وروت عن السيدة فاطمة رضي الله عنها وعن بعض الصحابة كسعد بن ابي وقاص واسيد بن خضير كما سبق ان اسلفنا في الحلقة السابقة.

ونأتي الآن الى خلاصة ما وصلنا اليه في هذا البحث وهي ان السيدة عائشة لم تنفرد إلا بالقليل من احاديث الرسول ـ وهي 138 حديثا (مائة وثمانية وثلاثون حديثا) ومجموع ما نسب اليها في كتب الصحاح الستة اي البخاري ومسلم وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة هو (2210) احاديث (الفان ومائتان وعشرة) احاديث، اما في الكتب التسعة وهي الصحاح الستة يزاد عليها موطأ مالك ومسند الامام احمد بن حنبل ومسند الدارمي وجدنا ما نسب اليها 5965 (خمسة آلاف وتسعمائة وخمسة وستون) حديثا.

وعند تتبعنا هذا الامر بدقة واستعنا بالحاسب الآلي (الكومبيوتر) توصلنا الى نتائج مهمة وهي:

1 ـ مجموع الاحاديث المروية عن السيدة عائشة في الكتب التسعة هي (خمسة آلاف وتسعمائة وخمسة وستون حديثا) (5965 حديثا).

2 ـ ان ما انفردت به السيدة عائشة بدون تكرار هو (مائة وثمانية وثلاثون حديثا) (138 حديثا).

3 ـ ان الآثار التي انفردت بروايتها السيدة عائشة هي (سبعة وعشرون اثرا) (27 اثرا).

4 ـ ان الاحاديث التي روتها السيدة عائشة وانفردت بها ووجدت بعضها مكررة فقد بلغ مجموع هذه الاحاديث التي انفردت بها مع التكرار (سبعمائة واربعين حديثا) (740 حديثا)، وهناك احاديث تكررت مرة واحدة واحاديث تكررت مرتين وبعض الاحاديث تكرر ثلاث مرات وهناك ما تكرر تسع مرات، بل ان بعض الاحاديث تكرر خمس عشرة مرة بنفس اللفظ والمعنى او بالمعنى فقط، وهناك ايضا ما تكرر احدى وعشرين مرة.

5 ـ اما الآثار التي انفردت بها وذكرناها سابقا وهي (27 اثرا) فقد وجدنا بعضها مكررا، وقد اصبح عدد الآثار التي انفردت بها مع المكرر (خمسة وثلاثين اثرا) (35 اثرا)، اما الذي انفردت به بدون تكرار فهو (27) اثرا.

6 ـ وبهذا يكون مجموع ما انفردت به السيدة عائشة من حديث واثر مع مكرر منه هو (ستمائة واثنان وعشرون اثرا) (622 اثرا).

ثم انتقلنا الى نقطة مهمة وهي الروايات التي روتها السيدة عائشة، ثم ثبت ان بعض الصحابة قد رووا نفس هذه الاحاديث من غير طريق السيدة عائشة، وقد اتضح لنا ان هناك (خمسمائة وخمسة وسبعين حديثا) (575 حديثا) رواها الصحابة في نفس الوقت الذي روتها السيدة عائشة رضي الله عنها.

وبعد ان حذفنا المكرر من الاحاديث والآثار، ثم عزلنا ما رواه صحابة آخرون معها بنفس اللفظ، او باللفظ والمعنى، وصلنا الى حقيقة مهمة وهي ان ما روته منفردة هو (138 حديثا).

وختاما فإننا نحمد الله على ما وفق اليه من ايضاح هذه الحقائق حول رواية السيدة عائشة رضي الله عنها وارضاها للحديث، وكم كانت دقيقة وحريصة وهي بجوار المصطفى صلى الله عليه وسلم، وان كل ما روته هو صحيح ودقيق، ولكن المشكلة التي استغلها بعض المغرضين هو ذلك العدد الكبير من الاحاديث النبوية التي نسبت الى السيدة عائشة، مع انها احاديث مكررة فعندما اخرجنا المكرر ثم عزلنا الاحاديث التي شاركها في روايتها صحابة آخرون اتضحت لنا الحقيقة واضحة وجلية والحمد لله، وهي ان الاحاديث التي انفردت بها (مائة وثمانية وثلاثون حديثا) (138 حديثا) فهل هذا العدد كثير على سيدة عاشت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي صغيرة السن حفظت عنه ما لم يحفظه الكثير ممن حوله لأنها كانت رضي الله عنها ملتصقة به قريبة منه وقريبة الى نفسه وقلبه، واوضح صلى الله عليه وسلم ذلك في حديثه عنها، ولقد ساهم قربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم على ان تروي احاديث لم يروها احد عنها من الصحابة، لكن الامر الذي اتضح بكل جلاء هو صدقها وامانتها ودقتها في الرواية حتى ان معظم الاحاديث التي روتها وجدنا ان صحابة آخرين قد رووها بنفس اللفظ والمعنى مما يدل على دقتها وحرصها وامانتها وحفظها.

ولقد تميزت السيدة عائشة رضي الله عنها بمزايا خاصة فقد نزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم وهي معه في لحاف واحد، ونزل القرآن ببراءتها وهي بنت الصديق الصادق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار، افضل الناس بعد الانبياء والمرسلين، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يغضب لغضبها، ويترضاها صلى الله عليه وسلم، ولم ترو عن النبي صلى الله عليه وسلم اي امرأة اكثر منها، كانت صوامة قوامة معطاء ورعة رضي الله عنها وارضاها.

وفي ختام هذا البحث نحمد الله ان وفقنا لاظهار هذه الحقيقة عن السيدة عائشة رضي الله عنها وامانتها وصدقها في رواية الاحاديث.

وهذا ما وفقنا الله اليه عندما تناولنا احاديث ابي هريرة في الكتب التسعة (البخاري ومسلم وابي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وموطأ مالك ومسند الامام احمد بن حنبل ومسند الدارمي) فوجدنا ان ما رواه ابو هريرة وما نسب اليه هو (5374) (خمسة آلاف وثلاثمائة واربعة وسبعون) حديثا.

وعندما درسنا هذه الاحاديث وادخلناها في الحاسب الآلي وحللناها، واخرجنا المكرر منها، ثم تتبعنا ما رواه الصحابة الآخرون من طرق غير طريق ابي هريرة، توصلنا بحمد الله الى ان ما انفرد به ابو هريرة هو (40) حديثا (اربعون حديثا)، هذا وما زلنا نبحث في كتب الحديث الاخرى لان فضيلة الشيخ خليل ملا خاطر وهو من علماء الحديث في العصر الحديث البارزين والمشهود لهم قد حدثني بأنه كان يحضر درس السيد المنتصر الكتاني المحدث المشهور، والمتحدر من عائلة لها مكانتها في علم الحديث، وكان يدرس في المسجد النبوي الشريف شمال الحجرة الشريفة مسند الامام احمد بن حنبل، وقال انه سمعه في آخر تدريسه لهذا الكتاب يقول: وهكذا نخلص الى حقيقة مهمة وهي ان ما انفرد به ابو هريرة من غير تكرار لا يزيد عن عدد اصابع اليد اي حوالى سبعة او ثمانية احاديث فقط.

وختاما فعلى الذين يغمزون او يلمزون في رواية الاحاديث وفي اتهام صحابة رسول الله ان يتقوا الله فيما يقولون وان يدركوا صدق الصحابة رجالا ونساء فيما نقلوه عن النبي بأمانة وصدق ودقة، وقد اثبت الحاسب الآلي حقائق مهمة وضعناها امام القارئ، وإنا نسأل الله عز وجل ان يوفق ابناء الامة وبناتها للاهتمام بالحديث النبوي وحفظه وعدم الركون الى تلك الضلالات التي يلقي بها اعداء الاسلام وتلك الشبهات التي يقذفونها حول احاديث رسول الله ـ ويركزون على كبار الصحابة وبخاصة المكثرون نذكر منهم:

* أبو هريرة 5374

* عبد الله بن عمر 2630

* أنس بن مالك 2286

* عائشة 2210

* عبد الله بن عباس 1660

* جابر بن عبد الله 1540

* ابو سعيد الخدري 1170 وهكذا نحمد الله على ما وفق اليه ونسأله ان يجزي ام المؤمنين السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق كل خير رضي الله عنها وعن ابيها واختها فقد كانت اسرة طاهرة، وصحبة كريمة، وسكنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وارجو ان يوفقني الله لدراسة بقية الصحابة الذين نسبوا اليهم الاكثار امثال عبد الله بن عمر، وابو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وانس بن مالك رضي الله عنهم اجمعين، والله من وراء القصد. ))

انتهت المقالة ... وأعتقد أنها لا تحتاج أي تعليق ...