هذه عدة مواقف من سيرة الحبيب -اللهم صلى وسلم وبارك عليه- في تعاملة مع الصغار1- احترام و تقدير ذات الطفلهذه من أهم الأمور التي يحتاج إليها الطفل دائما ، و يغفل عنها الآباء غالبا . فقد كان النبي-صلى الله عليه و سلم - يشعر الناشئة بمكانتهم و تقدير ذاتهم
،فيروي أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-أن سعد بن مالك -رضي الله عنه - ممن استضغر يوم أحد ،يقول -رضي الله عنه -إن الرسول -صلى الله عليه و سلم -نظر إليه ، و قال :سعد بن مالك؟ قال : بأبي أنت و أمي . قال :فدنوت منه فقبّلت ركبتيه ،فقال :"آجَرَك الله في أبيك " ،و كان قد قتل يومئذ شهيدا.فقد عامله الرسول -صلى الله عليه و سلم - و عزّاه تعزية الكبار ،و واساه في مصيبته بعد ميدان المعركة مباشرة.
فما أحوجنا جميعا إلى احترام عقول الأطفال،و عدم تسفيهها ،و تقدير ذاتهم و احترام مشاعرهم،
و هذا يجعل الطفل ينمو نموا عقليا و اجتماعيا سليما إن شاء الله.
2_ تعويد الطفل على تحمل المسؤوليةو هذه ضرورة لا بد من تعويد الأطفال عليها ،و نحن في أوقات فرضت الإتكالية و الإعتمادية نفسها على الكبار و الصغار سواء بسواء ،فالمربي الواعي يساعد الناشيء على تنمية مفهوم إيجابي عن نفسه ،يعينه مستقبلا على تحمل المسؤولية .فقد اهتم الرسول -صلى الله عليه و سلم-في بناء شخصية الناشئين من حوله ،
روى مسلم عن سعد الساعدي -رضي الله عنه - ((أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم - أتى بشراب فشرب منه ، و عن يمينه غلام و عن يساره شيوخ،
فقال للغلام :أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال الغلام :لا و الله لا أوثر بنصيبي منك أحد)) . و هكذا يعتاد الطفل على الجرأة الأدبية ،فينشأ و فيه قوة رأي و رجاحة عقل ، بعيدا عن روح الإنهزامية و السلبية
3- حاجة الطفل إلى الإحساس بالعدل في التربيةو ذلك من اهم عوامل الإسقرار النفسي ،فلا يلهب الآباء الغيرة بين الأبناء ،و لا يثيرون التنافس فيما بينهم بتفضيل بعضهم على بعض ،وقد تكون من وجهة نظر الآباء يسيرة و بسيطة كالقبلة و الإبتسامة أو الإهتمام الزائد بتلبية حاجة واحد على الآخر ،و تلبية رغباته في المأكل أو المشرب أو الملبس .
فعن النعمان بن بشير أن امه -بنت رواحة - ((سألت أباه بعض الموهبة من ماله لإبنها ،فالتوى بها سنة ثم بدا له فقالت :لا أرضى حتى تشهد رسول الله -صلى الله عليه و سلم -على ما وهبت لإبني ،فأخذ أبي بيدي و أنا يومئذ غلام،فأتى رسو الله -صلى الله عليه و سلم -فقال : يا رسول الله إن أم هذا (بنت رواحة) أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لإبنها ،فقال رسول الله -صلى الله عليه و سلم- "يا بشير ألك ولد سوى هذا ؟". قال :نعم. فقال:" أكلهم وهبت له مثل هذا ؟" .قال :لا
قال :"فلا تشهدني إذا ،فإني لا أشهد على جور " و في رواية قال :" أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء ؟" . قال :بلى . قال النبي صلى الله عليه و سلم :"فلا إذا ")) رواه مسلم4-حاجة الطفل للحنان و المرحو هذه حاجة ضرورية للطفل و طبيعته ما دام ذلك في الحدود الشرعية ، فلا يجب أن تسرف فيها،حتى لا يتعوّد الطفل على التدليل ،و لا تقتر فيها ،فيحرم الطفل من أهم حاجياته الطبيعية ،فيكون معقدا أو يتولّد عنده الإنطواء و الخجل .
و مما رواه البخاري عن عائشة -رضي الله عنها -((قالت :كنت ألعب بالبنات عند رسول الله في بيته -و هن اللعب- و كان لي صواحب يلعبن معي و كان رسول الله إذا دخل يتعمعن -يستخفين هيبة منه- فيسر بهن إلي فيلعبن معي))و هكذا لا تحرم الناشئة من الحنان الطبيعي ،و المرح الذي يجدد النشاط ،على أن يكون ذلك متوازنا يحفظ لهم شخصياتهم و تماسكهم الوجداني
5- أنت أفضل معلم لطفلكو ليكن واقعك للتقدم هو مرضاة الله ،و ليس لأن يكون ابنك أفضل من فلان ،و عوّده دائما على التشجيع ،و لا تتوقع منه الكمال ، واعلم أن كثرة الكلام -أحيانا - لا تؤتي أكلها ، في حين تجد أن الموعظة الحسنة و القدوة الطيبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، و هذا ما أدركه الصحابة من فعل النبي -صلى الله عليه و سلم -
فيروي أحد الصحابة(( ان وائل بن مسعود -رضي الله عنه - يذكرنا كل خميس مرة . فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن لوددت أن ذكرتنا كل يوم .فقال :أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملّكم ، و إني أتخوّلكم بالموعظة كما كان رسول الله -صلى الله عليه و سلم -
يتعهدها بها مخافة السآمة علينا)) -متفق عليه-و اخيرا أهديك هذه النصيحةغضب معاوية -رضي الله عنه - على ابنه يزيد فهجره ،فقال له الأحنف : يا أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا ،و عماد ظهورنا ،و نحن لهم سماء ظليلة ، و أرض ذليلة ،فإن غضبوا فارضهم،و إن سألوا فأعطهم ، و لا تكن عليهم قفلا ،فيملوا حياتك و يتمنوا موتك))
منقول للفائده